بساتين عربستان

رواية بساتين عربستان للكاتب أسامة المسلم تُمثِّل مغامرة جريئة في إعادة بعث الموروث الثقافي العربي في إطارٍ فانتازي مُبتكر. ومنذ الصفحات الأولى، تشد القارئ بسحر عوالمها التي تنبض بالحياة، مُمتزجة بروح الأساطير والتاريخ. لكن، على الرغم من ثراء الفكرة وعمق الخلفية التراثية، هناك مواطن ضعف واضحة تقلل من اكتمال التجربة الأدبية.

السرد بين الإبداع والرتابة:
لا يمكن إنكار أن أسامة المسلم يمتلك قدرة مميزة على الوصف، إلا أن السرد في مواضع عديدة يفتقر إلى ذلك الإحكام الذي يجعل النص يتدفق بسلاسة. تتخلل الرواية فصول طويلة من التفاصيل التي تُثقل القارئ دون أن تضيف قيمة حقيقية للحبكة، مما يجعل بعض الأجزاء أقرب إلى الحشو. كما أن التطور السردي للأحداث أحيانًا يبدو متكلفًا، إذ تُدفع الشخصيات إلى أفعالٍ غير منطقية لتلبية متطلبات الحبكة، بدلاً من أن يكون التطور نابعًا من دوافعها النفسية الطبيعية.

الحوار.. سلاح ذو حدين:
الحوار في الرواية يُمثل أحد أكبر نقاط الضعف. كثيرًا ما يأتي الحوار جامدًا ومباشرًا، مما يُفقِد الشخصيات حيويتها ويُضعف تفاعل القارئ معها. يبدو وكأن الشخصيات تُلقِي بخطابات تفسيرية بدلاً من خوض حوارات طبيعية تنبض بالحياة. وبدلاً من أن يُستخدم الحوار كأداة للكشف عن مكنونات الشخصيات أو دفع القصة للأمام، يصبح وسيلة لشرح تفاصيل زائدة كان يمكن دمجها بالسرد بطريقة أكثر براعة.

الإيقاع والمفارقة الأدبية:
الرواية تتأرجح بين لحظات من الإبداع الحقيقي، حين تندمج الأسطورة بالواقع بشكل مبهر، وبين فصولٍ تفقد فيها الحبكة إيقاعها، فتبدو مُفتعلة أو غير متجانسة. هذا التذبذب يُضعِف من الأثر الكلي للنص، ويُقلِّل من قدرته على ترك انطباع دائم لدى القارئ.

بين الجمال والنقد:
رغم ذلك، لا يمكن إنكار أن بساتين عربستان تجربة أدبية شجاعة، تحاول أن تُعيد للأدب العربي ألقه في الخيال التاريخي. الفكرة المبدئية للرواية تحمل إمكانيات هائلة، لكن يُعيبها ضعف في التنفيذ السردي والحوار، مما يجعلها عملاً واعدًا لكنه غير مكتمل. الرواية تستحق القراءة، ولكنها أيضًا تستحق مراجعة أعمق لتصقل تلك العثرات التي حالت دون وصولها إلى درجة التحفة الأدبية.
اذن نجمة للخيال الجامح وأخرى للاثارة التي استمتعت بها حقا،الحوار والسرد فهو كلام آخر